مكتب إدارة المشاريع كما كنت قد وضحت سابقاً في مقالتي “مكتب إدارة المشاريع، هل هو ضروري حقاً” هو الإدارة المركزية التي يعهد إليها عادة بالمهام الأساسية التي تتعلق بإدارة المشاريع كوضع سياسات و إجراءات موحدة يلتزم بها مدراء المشاريع في المؤسسة، تزويدهم بنماذج للاستعانة بها في وضع خطط ومتابعة مشاريعهم، تزويدهم بقاعدة معلومات والسجلات الدروس المستفادة من المشاريع السابقة للاستفادة منها، وغير ذلك
وربما كنت اطلعت عزيزي القارئ على العديد من المقالات التي تذكر أن الكثير من مكاتب إدارة المشاريع التي يتم إنشاؤها تفشل بعد فترة و يتم إلغاؤها و العودة إلى الوضع السابق، فما الذي حصل ولماذا لم تستطع مكاتب إدارة المشاريع الصمود أو اثبات جدواها؟ إليك فيما يلي أهم الأسباب باعتقادي لعل هذا يساعد كل من يرغب بتأسيس مكتب إدارة مشاريع بأن يكتب له النجاح
السبب الأول:
لم يلمس المعنيين بالمشروع stakeholders قيمة حقيقة و منفعة من مكتب إدارة المشاريع حين تم إنشاؤه، فمن المعلوم أن المعنيين و أصحاب المصلحة و خصوصاً الإدارة العليا كانوا يعولون الكثير على هذا المكتب من ناحية تنظيم إدارة المشاريع وزيادة فرص نجاحها و تحقيق توفير في التكاليف و تحسين استخدام الموارد و غيرها من المنافع المتوقعة، ولما لم تظهر هذه القيمة و المنافع من الأيام الأولى من إنشاء هذا المكتب بدأ يخسر بالتدريج دعم أصحاب المصلحة والإدارة العليا و بالتالي تم بالنهاية الاستغناء عنه بالكلية، فإذا أردنا لهذا المكتب أن ينجح فعلينا أن نقوم منذ البداية بتحديد المنافع المتوقعة و المطلوبة من المعنيين و أصحاب المصلحة و اختيار الوظائف functions التي يجب أن يقوم بها مكتب إدارة المشاريع لخلق هذه المنافع بأسرع وقت ممكن و في نفس الوقت بشكل مستمر.
السبب الثاني:
لم يحقق مكتب إدارة المشاريع العائد على الاستثمار المتوقع منه ROI، بمعنى أن التكاليف و الموارد التي خصصت للمكتب كانت أكثر من العائدات و التي تتمثل عادة بنسبة المشاريع الناجحة و خفض الهدر و التكاليف و غير ذلك، و معلوم أن الإدارة العليا لن تستمر طويلاً بدعم هذا المكتب ما لم يثبت بالفعل عائداً قوياً على الاستثمار.
الحقيقة أن كل من السببين أعلاه يمكن إجمالهما بسبب واحد فقط:
لم يتم التعامل مع إنشاء مكتب إدارة المشاريع كمشروع بحد ذاته، وبالتالي من الطبيعي أن يترتب على ذلك الكثير من الأخطاء على سبيل المثال:
- لم يتم القيام بدراسة جدوى feasibility study لإنشاء مكتب إدارة المشاريع وتحديد الأسباب business case التي تدفعنا لإنشاء المكتب وماهي المنافع benefits التي نرغب بالحصول عليها من إنشاء هذا المكتب و من المسؤول عن هذه المنافع benefit’s owners و قياسها بشكل مستمر، وتوثيق كل ذلك بشكل دقيق
- لم يتم تحديد من هم المعنيين بالمشروع stakeholders بشكل فعال و تقييم تأثيرهم Impact على نجاح المشروع و فشله ومصحلتهم interest بالمشروع وبالتالي وضع استراتيجيات مناسبة للتواصل و التعامل معهم و كسب تأييدهم أو التقليل من تأثير معارضتهم
- لم يتم تحديد متطلبات المعنيين بالمشروع من المشروع و من منتج المشروع و الذي هو عبارة عن مكتب إدارة المشاريع، فكما هو معلوم يمكن لمكتب إدارة المشاريع أن يلعب العديد من الأدوار كداعم supportiveو أو ضابط controlling أو موجه directive وعندما لا يتم تحديد الدور المطلوب منه بدقة منذ بداية مشروع تأسيسه لا تكون النتائج مرضية في النهاية حيث لا يتم تحقيق توقعات أصحاب المصلحة و المعنيين بالمشروع stakeholders
- لم يتم وضع جدول زمني واقعي وموازنة واقعية تأخذ بعين الاعتبار الموارد resources المؤسسية المتوفرة
- لم يتم وضع خطة تواصل جيدة بين المعنيين بالمشروع، مما أدى إلى العديد من الخلافات و التأخر في الموافقات و التنسيق بين الإدارات المختلفة
- لم تتم دراسة المخاطر بشكل جيد و خاصة المخاطر التي تتعلق بممانعة التغيير change resistance ووضع استراتيجيات فعالة للتعامل معها
- ربما تم إسناد المشروع إلى مقاول contractor لا يتمتع بالكفاءة المطلوبة ولم يأخذ بعين الاعتبار العوامل التي ذكرنها
- لم يتم تعيين مدير مشروع بسلطة و صلاحيات كافية تساعده على إنجاز عمله بنجاح
فإذا أردت عزيزي قائد المؤسسة أن تبني مكتب إدارة مشاريع يحقق القيمة و المنافع التي تريدها بالفعل، تأكد أنك قمت بما يلزم لتجنب المشاكل و الأسباب التي ذكرنها و بالله التوفيق
No comments:
Post a Comment